jeudi 31 janvier 2013

بعيدا عن الديار



ان السؤال الذي يطرح نفسه مرارا و تكرارا حاليا هو ما أنا فاعلة هنا؟ في طنجة؟ بعيدا عن اهلي وعشيرتي و خيمتي؟
كيف لا يطفو هذا السؤال و انا في اكثر الاماكن اثارة و جمالا و جاذبية: مقهى الحافة. لم يكن قبولي بالمؤسسة  بالخبر الجيد أو المترقب أو المرغوب فيه، لأنه كان  بمحض الصدفة و امتتالا لنصائح الاهل والاصدقاء،  بيد ان اختياري قد و قع على ماستر بمدينة آكادير جوهره الآداب و النظريات المقارنة الا ان الرياح تاتي بما لا تشتهي السفن وما ادراك ما رياح طنجة العاتية. فتركت الرباط و الاوداية وشالة و سلا و باب مريسة و سيدي موسى و بيتي و غرفتي المَتحفية و فراشي والثلاجة المسكينة. و عزمت الرحال الى مدينة طنجة و كلي آمال أن لا أخيب والدي و آمالي في الحصول على الشهادة و الولوج أخيرا الى سوق الشغل.
لم أبحث عن مسكن بل المسكن بحث عني. في بادئة الامر كنت أقطن بمنزل عمة أمي لمدة معينة و كنت أتردد على احدى صديقات العائلة. لم أكن مرتاحة نفسيا، قلدي عادات و تقاليد عملت بها سنوات طوال، واصبح علي التنازل عنها كالنوم المتأخر، و الأكل و الطهي في كل الأوقات و خصوصا في الساعات المتؤخرة ليلا، و حبى لموسيقى كناوة وحبي للاستحمام ليلا على ايقاع "البلوز" و أصوات "ايطا جايمس" و "والتر" و ايقاعات الروك اند رول و غيرهم وعلى صوت امي تصرح لمنعي من الغناء مخافة من المس والجن.
 ففي أحد الأيام دعتني صديقة العائلة للغداء و تمضية الأمسية معا. ارتديت ملابسي و ذهبت الى منزلها "بالسوق الداخل"و لم اجد أحدا فاذا بالدم الصحراوي الذي بدمي فار و اسودت الدنيا بعيني فرحت الى محطة "الطاكسيات" قرب المحطة الطرقية و أخذت أول تاكسي و الذي كان ينادي "بازيلة" نسبة لأصيلة. خمس و أربعون دقيقة و كنت بمدينة أصيلة، و كنت بعالم اخر، عالم أعرف فيه نفسي فقط. فأخدت أصول و أجول في الأزقة و الشوارع. كل خطوة أخطوها كانت بمثابة فكٍ لأحد القيود الوهمية التي تحبس روحي و تقيد عقلي و تضبب رؤيتي.
يرى البعض من الاصدقاء أن هذه التجربة أي تجربة الابتعاد عن الاهل هو احسن وضع يتمناه المرء، أي الحرية المطلقة، لا رقيب ولا حسيب، نعمة يجب أن أحمد الله عليها و أبوس يدي قلبا و ظهرا.  الا اني اظن العكس، فبالنسبة لي، يمثل الاهل الدرع الحامي و بر الامان. اما الان فانا الدرع و الحامي و المقتصد و الطاهي و عامل النظافة و حامي وطن عائلتي و دينها. كيف لا و أنا أحس بأن علاقتي مع أبي بدأت تضعف، ليس بمفهوم الضعف و الزوال لكني لم أعد أحس بقربه الروحي لي و لو كنا في غالبية الأوقات نتناقر ونضحك على بعضنا البعض. أما أمي، أنا ابنت أبي، فتقوت روابطي بها رغم حبي المتجذر لأبي ليس لأني لا أحب أمي، لكني مند فطنت بالدنيا و منذ نعومة أظافري وأنا أرى والدي "با سطوف" أو مصطفى بجانبي ذلك نظرا لظروف عمله التي سنحت له فرصة الاهتمام بي أكثر من أمي.
فكما قال محمد شكري، الثالوث الوجودي: "الزمكاناس" أو الزمان و المكان و الناس، فانا الان في الزمن ذاته، مع أناس آخرين و بمكان اخر. فالنسجام كان اكثر الامور صعوبة في بداية الامر. انا من النوع البشري الذي يعيش على تقاسيم الماضي و القِدم، على عطر الشُرفِ الهرم. المدينة القديمة و سوق الداخل و مقهى الحافة و سينما الريف أصبحوا  ونيس وحدتي و سبب فرحتي و عزوفي على زيارة اهلي، و ياله من تغيير، ففي بادئة الامر كنت لا ارتاح حتي ازور العائلة كل اخر اسبوع حتى حفظت الطريق الرابطة بين الرباط و طنجة عن دهر قلب واصبحت مدة الرحلة بضع دقائق عوض ثلاث ساعات – اذا ما شاف السائق من حالنا- الى ان اصبحت ازورهم على رأس كل شهر.
الدراسة من جهة أخرى، فمع بداية الموسم الدراسي علمت أني و الحمد لله قد اخترت الشعبة الخطأ و المجال الدراسي الخطأ فما لي ذلك القدر من الالمام بكل مجالات الحياة كالسياسة و الاقتصاد و غيرها من المجالات المعقدة التي تسد نفس الدراسة و لسخرية القدر فقد كان والدي يوبخني أنا و أختي بسبب عدم الاهتمام بمجال السياسة فكان غلبا ما ينعتني بالمتعلمة الجاهلة، كما انه كان يحذرني من الوقت الذي سأحتاج فيه هذة الثقافة السياسية و الاقتصادية و الثقافية سواءا كانت لها علاقة بالمغرب أو العالم. و هنا الآن أعيش ما حذرني منه سابقا. فأظن أن النظام بالمؤسسة  نظام نوعا ما قاس حيث لم تكن هناك مقدمات أو حصص استئناسية غايتها جعل الطالب يستئنس بمواضيع النصوص المححدة بهدف الترجمة. فمن التجوال بين الأزقة الشكسبيرية و دروب الرومانسية. اصبحت تائهة بين صفحات الجرائد و متاهات الصحافة الالكترونية  بين الثورات العربية و الربيع العربي و السياسات الخارجية الامريكية و حكومة عبد الله بنكيران و حركة 20 فبراير و المعارضة و الازمة المالية و الاقتصادية و العجز الميزاني و حجم الناتج المحلي و نسبة الدين القومي و غيرها. الآن – في نظر والدي المصون- أصبحت انسانة، و أنا أيضا أشاطره الرأي.
أما مادة القانون التي قيل أنها ليست سوى مقدمة لدراسة القانون أي أنه فصل غايته التعريف بالمفاهيم الاساسية للقانون كمفهوم القانون و السلطة التي تضع القانون و الكيفية التي يطبق بها القانون الا اننا صدمنا، أصبح الطلاب هم أساتذة القانون و يقومون بتقديم العروض التي لا يفهمونها هم بأنفسهم فما بالك المتلق الجاهل قانونيا. زيادة على ذلك، ففي نظر الأستاذة القانونية كلنا سواسية أمام القانون، فيستوى الذين يعلمون و الذين لا يعلمون، الحاصلون على الاجازة في القانون و الحاصلين على الاجازة في الآداب. أما تصحيحها للامتحانات كان كتصحيحها لامتحانات طلبة القانون بجامعة عبد المالك السعدي و لله أعلم. فاذا بي أجاهد و أعتكف حتى فهمت بعضا من المبادئ القانونية و التي – في واقعة الامر-  نورت بصيرتي، و كمكافئة لمجهوداتي حصلت و الحمد لله على نقكة دون المستوى.
التركيبة القسمية للقسم هي مشكل آخر، فالقسم صار ثكنة عسكرية مكونة من جنرالات و متخصصين في الاسلحة و الممثلين العسكريين للمغرب في دول المعمور، فأين أنا في داخل هذه التركيبة المركبة و أين هم أصدقائي الجدد "اولاد الأمس" أو كما أطلق علينا أحد الزملاء الجنود "البوكيمونات" نسبة الى احد الرسوم المتحركة. فأصبح يضرب بنا المثل من حيث جهلنا التام بما يدور و يجول من حولنا في بقاع العالم و نسوا أننا جيل اليوم، جيل يفهم كل شيء و يرتدي قناع الجهل و عدم المعرفة. و منهم من يتفاخر بمركزه و منهم من يفتخر بعدد هشيقاته و منهم من يفتخر و يفتخر و يفتخرو نسوا أن في الوقت الذي كانوا محتجزون في الاكاديمية العسكرية كنا لم نولد بعد، و ها نحن وُلدنا و كبرنا و حصلنا على  الباكلوريا و من ثم الاجازة و نتابع دراستنا العليا و هم -و يا اسفاه- ما زالوا أينما كانوا مع زيادة في الرتبة العسكرية، نحن وبكل قوانا نعيش حياتنا كاما نرغب و نريد و هم ينتقدوننا ويستهزؤون باختياراتنا و الاشياء التي نفعلها في و قت فراغنا،  وهم في قرة انفسهم يتمنون لو كانوا بمثل حريتنا و لا مبالاتنا. فيا ليتهم يكفون و لو لبرهة عن تدميرنا نفسيا و احباطنا، لأننا لن و لن نستسلم حتى نستلم دبلوم الدراسات العليا بالملك فهد للترجمة.
فبعيدا عن جو الدراسة و المواجهات في الجبهة العسكرية للقسم و عن النقاط السلبية و ال لاهلي ، فأن حب مدينة طنجة بدئ يكبر في قلبي، لا ناسها و لا جوها كانا السبب، بل تركيبتها الطبيعية -الماء و الجبل –حببتني فيها، زيادة على ذالك، لدي حس و عشق للفن الفوتوغرافي و طنجة لها تلك المؤهلات التي توقض فيُّ ذالك الحس الذي و للأسف لم أتمكن من سقله. وهكذا تنتهي قصتي أو بالأحرى تبتدئ.



"بلاصا تورو"، طنجة.

4 commentaires:

  1. هادشي لكتبتي واعر و مُأَثِّر دمعاتلي العين "

    just kidn but its really awsome

    RépondreSupprimer
    Réponses
    1. thank you friend! let me dry your tears

      Supprimer
    2. shoukran bzzaf la bla mat3dbi rassk gha dwwri m3ana

      Supprimer
  2. I swear that your father will be proved of you, keep believing in allah sobhanahowa wa ta3alla ;)

    RépondreSupprimer