mercredi 22 mai 2013

موسم الحصاد




للحرث وقته و للحصاد وقته، ها قد اتى موسم حصاد السنة الدراسية. سنة دراسية انقلبت فيها موازين المعرفة و الجهل، الظلم و العدل، الغش و الصفاء. أنها السنة الاولى بسلك الماستر شعبة الترجمة التحريرية ( عربية- انجليزية- فرنسية)  عام2013 -2012. ها هو دا حصادي.

وصلت الى خلاصة مفادها ان الحياة غير منصفة. حياة تقتل البريئ و تسرح المجرم. حياة تتوج الظلم و الخبث و الغش و العبث و الندل و الغباء. اتهمت مرارا و تكرارا بالغش في امتحانات الانجليزية. و يا ريتني فعلت لكي أستحق هكذا تهمة -أفضل الصفر على هكذا محاولة- لكن مع كل اتهام أجد طريقة للدفاع عن نفسي، لاثبات العكس، لابراز الحقيقة. لكن هذه المرة غير المرات. لم احصل حتى على تلك الفرصة السانحة لاثبات العكس. حكم علي بالاعدام مسبقا و غيابيا،بلا محام، لم يستمع القاضي لشهادتي، لم يتركني أدافع عن نفسي، لم ينظر حتى في عيني اللتان لا تعكسان الا الحقيقة. وهكذا يدفعك أدم لتغيير المسار، لتبديل الطرق. هل المراد من ذلك جعلي أقوم بما اتهمت به حقا؟ أليس هذا اجحافا في حقي؟ أليس هذه دعوة صريحة و مغرية لكي أغش في الامتحانات القادمة و من ثم الغش في كل شيء؟ ألا يستطيع الاساتذة التفريق بين الطالب الذي يعتمد على نفسه و الطالب الذي يعتمد على' كوبيي كولي' و به قررت محكمة الفرنسية ادانتي باعادة أسهل المجزوءات: مجزوءة اللغات.

 و الغريب في الامر هو أن الانسان رغم معرفته بغلطه يأبى ان يتجاهله. محكمة الفرنسية و فيما كانت تحرس امتاحنا كان المفروض أن يحرسه نوجها، تقابلت معي و أنا بكل كبرياء لم أكثر لها، لم أذهب لأطلب صدقة تصحيح النقطة و اعطاء فرصة أخرى، سلمت ورقة الامتحان و ذهبت. و هي أيضا بادلتن نفس الشعور حينها. و بعدها أتى أحد ضباط الصف و أنبئني بخبر أن محكمة الفرنسية أخبرتهم أن ينقلوا عن لسانها: " قولوا لها أن أسفة لم أكن أعرف أن 6 تقطة تأدي الى الرسوب".  أعوام من التدريس بالمؤسسة و لم تكن تعرف حتى عبرت طريقها أنا. أحس أني أحرزت شيئا كبيرا، كبيرا جدا.

حصاد هذا العام جيد جدا. انا لا اتحدث عن النقاط بقدر ما أتحدث عن ما استفدته انا. فعكس ما كنت، أصبحت أحب الترجمة و الخوص في ملامح النص الاصلي و محاولة انتاج نص مشابة له في لغة اخري بطريقة سلسىة، و الدفاع عن اختياراتي من حيث بنية الجمل و اختيار الكلماا و غيرها. و أيضا  زيادة على ذالك، كسرت اشكلالية تقديم العروض أمام الملئ بالغة الانجليزية. لا ينقصني الي التغلب على ماثلتها بالغة العربية و أكون مكتملة –الى حد ما. أيضا أصبحت أستئن بالبحث الاكاديمي، أي كل ما هو بحث و تنقيب و تدوين. زيادة على ذالك، وجدت ضالتي في الترجمة من العربية اللى الانجليزية. أفضل أن أترجم النصوص الى الانجليزية اكثر و ذالك بسبب تمكنى من الاجليزية- نسبيا، و خصوصا النصوص الادبية التي يشبه أسلوبها أسلوب خربشاتي.

من جهة أخرى، بفضل رفيقتي في السكن، انخرطت بورشة الاعمال اليدوية. لطلما أحببت الاختراع و صنع الاشياء بيدي. هي ورشة جاءت كنتيجة لشراكة بين مدرسة الملك فهد العليا للترجمة و ثانوية عباس السبتي. مؤطرتي او بالأحرى مؤطرة الجميع أستاذة بنفس الثانوية. سأتعلم في كل أسبوع طريقة جديدة لتحيين الاشياء و ارجاع روح الجِدة لها. ولسوف اتعلم و أضيف من عندي لكي ابتكر الجديد. و لسوف أصنع التحف الافريقية التي لطالما حلمت بالامتلاكها بيدي هاتين التي أكتب بهما الان. ما سأصنعه و ما سيصنعه زملائي فالورشة سيعرض للعيان في معرض مشترك بالثانوية و بمدرسة الترجمة التي لا تعرف الا الترجمة و المحافل المعرفية.

من حصادها أيضا أني لمست أن الوعي لا يمث للتعليم أو الثقافة بصلة. عهدت أن كلما زاد محصول الفرد العلمي و التجاربي في الحياة كلما  نضج و تنمت أفكاره و و صح ضميره و كبرت معلرفته و احترامه للآخر، احترام حرياته الفردية و احترام اختيارته و احترام سكونه و حركاته. لم أكن ادري أن السفر الى الخارج و معاشرة الاجانب و السكن معهم لا صلة لها بتكوين الشخصية الواعية للبشر، و لا صلة لها أيضا بالسن. لطالما سمت ذالك المثل المغربي الشهير " لي فاتك بليلة فاتم بحيلة"، ضننت أن كل شىء في الحياة مضمون، و أن هكذا مثل يوجد فعلا في الواقع- أجل يوجد لكن ما أتحدث عن أنا هو جيل الثمانينات و التسعينيات. ظننت أن من هم أكبر مني بأربع أو خمس سنوات هم أحكم مني و أعلم بمسائل الدنيا. و حصادها اني أعرف أكثر منهم. يضعني القدر في موقف أن أملي عليهم ما هو الصح من الغلط. شئ لا يمكن أن أتقبله.

  و من حصاد هذه السنة أن عقلي أصبح يلتقط ترددات جديدة لم يسبق له ان عرفها، رغم وهن جسدي و العياء و الشعور الدائم بالنعاس و رتابة الحياة الدراسية، الا ان عقلي ليس بعقلي. كثيرا ما ظننت أني اكتب أحسن مما أتكلم، أن تعبير يدي أفضل من تعبير شفتي و اوضح. منذ وصولي الى طنجة وانا أوقع محاولات كتابة بالانجليزية أكثر منها بالعربية. انشأت لنفسي موقع الكترونيا، فيه أنشر كل جديد لي. فمرة انشر كل يوم و مرة أتأخرو مرة اتردد في النشر. احتاج الا نظرة من الخارج لكتاباتي.